تقرير عن ندوة تربوية


    في إطار انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها الخارجي وربط قنوات التواصل مع المؤسسات الجامعية لمواكبة المستجدات التي تعرفها الساحة التربوية والانخراط في الورش الإصلاحي المنشود، وإيمانا منا لما للباحثين في علوم التربية من أثر ايجابي على الارتقاء بتدريس  مادة التاريخ، أشرفت  على تنظيم ندوة علمية تربوية  حول ديداكتيك تدريس التاريخ، لفائدة  مدرسات ومدرسي هذه المادة بالسلك الإعدادي تحت عنوان  " تعلم التاريخ وتدريسه في التعليم الثانوي: أسئلة تمهيدية" ألقاها الدكتور محمد صهود من كلية علوم التربية جامعة محمد الخامس الرباط. وذلك بفضاء ثانوية الإمام مالك الإعدادية يوم الأربعاء 6أبريل  2016 على الساعة الثالثة زوالا.
افتتحت الندوة بكلمة ترحيبية من قبل المفتش التربوي- عبد الحميد عفان-،  عبر من خلالها عن أهمية هذه اللقاءات التربوية في الرقي بديداكتيك المادة ومواكبة مستجدات  الباحثين في هذا المجال. بعدها تناول المحاضر  الدكتور محمد صهود  الكلمة والتي استهلها بمدخل منهجي حدد فيه بعض  التصورات التي  يحملها المدرسون حول مادة التاريخ وكذلك تمثلات التلاميذ، مبينا غياب أبحاث ديداكتيكية حول ذلك باعتباره المدخل الأساسي لأي مقاربة تسعى لتناول هذا الموضوع.
بعد هذا ،عمل على معالجة قضية تدريس التاريخ وفق ثلاثة محاور كبرى، وهي:
·        المحور الأول: لماذا ندرس التاريخ ونتعلمه؟ ونعلمه لأبنائنا؟
·        المحور الثاني: كيف ندرس هذا التاريخ؟ وكيف يتعلمه المتعلمون ويستدمجونه؟
·        المحور الثالث: ما مضمون ما ندرسه؟ وما يتعلمه المتعلمون؟
انطلق المحاضر في المحور الأول من سؤال مركزي، وهو  لماذا ندرس التاريخ؟  وما جدوى النظر إلى الماضي في ظل التحولات المتسارعة التي يعرفها المجتمع العالمي؟ وللإجابة على هذا السؤال، حاول الدكتور صهود  مقاربة هذا الإشكال من ثلاث زوايا أساسية، الأولى التاريخ باعتباره معرفة ( أصل التكوين من خلال معرفة الجذور التاريخية للظواهر الراهنة، التحول المرتبط بالزمن، الحقيقة التاريخية). الزاوية الثانية، التاريخ باعتباره منهجا، مبينا أن للتاريخ منهج يحكمه، وهو ما يجعله عقلنة للذاكرة، دون أن يغفل الدكتور إبراز أهمية الفكر النقدي، والفرق بين المؤرخ والمحقق القضائي... ليقف الدكتور في الزاوية الثالثة عند نقطة مهمة تتعلق بالتاريخ والذاكرة (الذاكرة الجماعية والذاكرة الفردية)، وحاول إبراز علاقة المكونين  من خلال كون التاريخ يقي من مرض فقدان الذاكرة، لكونه يساهم في التكوين الشخصي للإنسان بتلقينه ذاكرة جماعية تتسع من المجموعة إلى المحلية وإلى الأمة ثم إلى الكون، كما أن دراسة وقراءة التاريخ تقوي اعتزاز المواطن بتاريخه وأمته.
وفي المحور الثاني تطرق  المحاضر إلى المضامين وحاول الاشتغال على مستوى السنة الثالثة من التعليم الثانوي الإعدادي، بتوضيح الإشكالية العامة التي يعالجها البرنامج   وعلى المدرس توضيح ذلك للمتعلمين قصد استيعاب إشكالية البرنامج والتي لها امتدادات في مستويات السلك التأهيلي  ، ودعا إلى الاهتمام بالتاريخ الإشكالي بحيث لا تاريخ بدون إشكالية.
وفي المحور الثالث  تناول الدكتور  صهود  الجانب الديداكتيكي في تدريس التاريخ بالمرحلة الثانوية الإعدادية، مؤكدا أن محددات الجودة التربوية تقتضي تسليح المتعلم في درس التاريخ بكفايات تؤهله لمواكبة مجتمع المعرفة، وتجعل منه فاعلا مجتمعيا متشبعا بالقيم الإنسانية النبيلة والمواطنة الإيجابية، حيث وضح في البداية التجديد الإبستمولوجي الذي عرفته المعرفة التاريخية العالمية عموما، ومواكبة المدرسة المغربية لذلك التجديد في سياق مقاربة ديداكتيكية انتقلت من معرفة حدثية سردية إلى معرفة إشكالية مفاهيمية، مع المراهنة على النوعية بدل الكم في المضامين التاريخية والاستجابة لحاجيات المتعلمين وانتظاراتهم، وبالتالي مساهمة التاريخ في تكوين الرأسمال البشري وفق مسلكية منهجية تقوم على فكر نقدي ايجابي..
 وفي سياق الارتقاء النوعي في تدريس التاريخ استحضر الدكتورمحمد صهود النموذج النظري المعتمد وهو النهج الفكري الذي وضعه الدكتور مصطفى حسني إدريسي وفق مدخل المقاربة بالكفايات، ثم بعد ذلك بين ما تؤكد عليه الوثيقة الإطار حول الاختيارات والتوجيهات التربوية من مجموعة من القيم والكفايات الأساسية التي يحققها مكون التاريخ، إذ يساهم في توعية المتعلم بأهمية الماضي في فهم الحاضر والتطلع إلى المستقبل وإغناء الرصيد المعرفي وتنمية الحس التاريخي، مع الإلمام بالحاضر المعاش واستشراف آفاق المستقبل بنفس تفاؤلي يجعله يساهم بشكل ايجابي في بناء صرح الحضارة الإنسانية ويتخذ مواقف ايجابية، إضافة إلى مساعدة المتعلم على اكتساب وإدراك المفاهيم المرتبطة  بالزمان والمكان إدراكا واضحا وترتيب الأحداث ترتيبا سببيا بإدراك العلاقة بين العناصر المحركة للتاريخ.
وفي ختام الندوة افتتح نقاش ، أجاب خلاله المحاضر عن أسئلة وتدخلات الحاضرين حيث قدم معطيات إضافية مهمة ستساهم بدون شك في إغناء الأداء المهني لمدرسي مكون التاريخ بالسلك الثانوي الإعدادي .
 دامت أشغال  هذه الندوة التربوية من الساعة الثالثة زوالا إلى الساعة السادسة مساءا وشارك فيها أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي غير العاملين زمن انعقاد الندوة  الذين وجهت لهم الاستدعاءات   .
الندوة مرت في جو تربوي مفيد وممتع بفضل ما وفرته إدارة المؤسسة وأساتذة المادة بالثانوية  الإعدادية الإمام مالك بعين اعتيق . والسلام


                                       حرر بتمارة بتاريخ 8 أبريل  2016
                                              التوقيع : عبد الحميد عفان
                                              مفتش الاجتماعيات بالتعليم الثانوي


شكرا لك ولمرورك